
فضيلة مجالس الذكر
مجالس الذكر هي من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى وله من الفضائل ما لا يعلمه إلا الله تعالى وإليك بعض الأحاديث التي وردت في فضلها :
روى البخاري ومسلم وغيرهم عَن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنّ لله مَلائِكَةً سَيّاحِينَ في الأرْضِ فضلاً عَنْ كُتّابِ النّاسِ فإِذَا وَجَدُوا أقْوَاماً يَذْكُرُونَ الله تَنَادَوْا هَلُمّوا إلى بَغْيَتِكُمْ فَيَجِيئُونَ فَيَحفّونَ بِهِمْ إلى سَمَاءِ الدّنْيَا فَيَقُولُ الله: أيّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ وَيُمَجّدُونَكَ وَيَذْكُرُونَكَ. قالَ: فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: لاَ. قالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قالَ: فَيقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدّ تَحْمِيداً وَأَشَدّ تَمْجِيداً وَأشَدّ لَكَ ذِكْراً، قالَ: فَيَقُولُ: وَأَيّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: يَطْلُبُونَ الْجَنّةَ، قالَ: فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْهَا؟ قالَ: فَيَقُولُونَ لاَ. قالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا لَهَا أشَدّ طَلَباً وأشَدّ عَلَيْهَا حِرْصاً، قالَ: فَيَقُولُ: فَمِنْ أيّ شَيْءٍ يَتَعَوّذُونَ؟ قالُوا: يَتَعَوّذُونَ مِنَ النّارِ، قالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لاَ. قالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا لَكانُوا مِنْهَا أَشَدّ هَرَبَاً وَأَشَدّ مِنْهَا خَوْفاً وَأَشَدّ مِنْهَا تَعوّذاً. قالَ: فَيَقُولُ: فإِنّي أُشْهِدُكُمْ أَنّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَيَقُولُونَ: إنّ فِيهِمْ فُلاَناً الْخطّاءَ لَمْ يُرِدْهُمْ إنّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ. فَيَقُولُ: هُمُ القَوْمُ لاَ يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌهم .
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم. فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله ؟ قال: أهل مجالس الذكر.
وروى مسلم في عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي اللّه عنهما: أنهما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُون اللّه تَعالى إلا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَليهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرََهُمُ اللَّهُ تَعالى فِيمَنْ عِنْدَهُ .
وروى أحمد والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إذا مررتم بِرياض الجنة فارْتَعُوا ، قالوا وما رياض الجنة ؟ قال حَلَق الذكر .
وروى أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: غنيمة مجالس الذكر الجنة . قال الهيثمي في مجمع الزوائد وإسناد أحمد حسن
وروى ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الدعوات عن جابر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر، فارتعوا في رياض الجنة. قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم، من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر الله كيف منزلة الله عنده، فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه.
وأخرج الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن عمرو بن عبسة :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغشي بياض وجوهم نظر الناظرين، يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله. قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم جماع من نوازع القبائل، يجتمعون على ذكر الله تعالى فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه.
وأخرج الطبراني بإسناد حسن عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوهم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء. فقال أعرابي: يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم ؟ قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرون .
وأخرج أحمد بإسناد حسن عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة. فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة.
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات .
واعلم أخي وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه أن مجلس الذكر من أساسيات الطريق إلى الله ، وهو من الأصول التي يعتمد عليها، في الرقي والوصول إلى الله ، وهو من الأمور التي يُروحُ فيها عن النفس والقلب ، وقد رأيت الأخبار التي وردت في فضله ، وكما قال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى: مجالس الذكر زينة للحال . وإنما شرع مجلس الذكر في الطريقة ليلتقي السالكين مع بعضهم ويروحوا عن بعضهم من أجل زيادة الرابطة بينهم ، ومن أجل زيادة المحبة بينهم ، وحتى يتناصحوا ، ويتذاكروا ، ويلتقون ببعضهم ، وبشيخهم أو بخليفته الذي يشرف على المجلس، فيعرضون أسئلتهم ويعرضوا أحوالهم على شيخهم وتزداد همتهم ببعضهم ، ويشد بعضهم على يد بعض ، وبالوقت ذاته ينتفعون ببعضهم ، وتتحرك همتهم ، فيقوى الضعيف بالقوي ، ويستقيم المقصر بالملتزم ، ويتوب العاصي بالمطيع ، ويستحب أن يكون في كل جمعة مرة أو مرتين ، فيكون للمريد زاداً يتزود به خلال أيام الأسبوع هذه هي الغاية من مجالس الذكر .
منقول من موقع الطريقة القادرية العلية
.